للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزحام ... ، فتصح الصلاة للعذر، والواجب يسقط بالعذر؛ ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من القيام والقراءة واللباس الساتر للعورة، والطهارة ونحو ذلك، ودليل ذلك الآيات والأحاديث الدالة على رفع الحرج، وعلى التكليف بقدر الاستطاعة، كما في قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١)، وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٢)، وحديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ... "، وهذا القول هو رواية عن مالك (٣) -رحمه الله- وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية (٤)، وما يقع في الحرم المكي في موسم الحج مُنَزَّلٌ على هذا القول؛ لأنه مظنة الزحام، والله تعالى أعلم.

متابعة الإِمام عبر وسائل الإعلام الموجودة اليوم سواء كانت هذه الوسائل مرئية أو كانت مسموعة:

إذا كانت الصلاة تنقل نقلًا مباشرًا حيًّا على الهواء، فهل تصح الصلاة خلف هذا الإِمام الذي تنقل صلاته؟

نقول: من صلى في بيته أو مزرعته أو مَتْجَرِهِ جماعة مع إمام المسجد على صوت المذياع مثلًا وتخلَّف عن شُهود الجماعة في بيت الله، دلَّ ذلك على فتوره عن امتثالِه أوامرَ الشريعة، وصدودِه وعُزوفِ نفسه عما يضاعف له به الحسنات، ويرفعه الله به إلى أعلى الدرجات، ويغفر له به السيئات، وخالفَ الأوامرَ الدالةَ على وجوب أدائها في المساجد، واستحقَّ الوعيد الذي توعَّد الشارع به المتخلفين عن شهود الجماعة في المساجد.


(١) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٢) سورة التغابن: ١٦.
(٣) الكافي لابن عبد البر (١/ ٢١١ - ٢١٢).
(٤) مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٣/ ٤٠٤ - ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>