للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: حكمه:

اختلف الفقهاء في حكم هذا النوع من الأنكحة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى صحته وقالوا: إذا نكح المرأة نكاحًا صحيحًا ولكنه نوى في حين عقده عليها ألا يمكث معها إلا شهرًا أو مدة معلومة فإنه لا بأس به، ولا تضره في ذلك نيته إذا لم يكن شرط ذلك في نكاحه. قال مالك: "وليس على الرجل إذا نكح أن ينوي حبس امرأته إن وافقته وإلا يطلقها" (١)، ومن أشهر من قال بصحة وجواز هذا النكاح سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز. حيث قال -رحمه الله-: "أما الزواج بنية الطلاق ففيه خلاف بين العلماء، منهم من كره ذلك كالأوزاعي، وجماعة، وقالوا إنه يشبه المتعة، فليس له أن يتزوج بنية الطلاق عندهم، وذهب الأكثرون من أهل العلم، كما قال الموفق بن قدامة في المغني إلى جواز ذلك إذا كانت النية بينه وبين ربه فقط وليس بشرط، كأن يسافر للدراسة أو أعمال أخرى وخاف على نفسه، فله أن يتزوج ولو نوى طلاقها إذا انتهت مهمته، وهذا هو الأرجح إذا كان ذلك بينه وبين ربه فقط من دون مشارطة ولا إعلام للزوجة ولا وليها بل بينه وبين الله، فجمهور أهل العلم يقولون: لا بأس بذلك كما تقدم وليس من المتعة في شيء؛ لأنه بينه وبين الله، ليس في ذلك مشارطة" (٢).

القول الثاني: أنه نكاح غير صحيح، وهذا القول هو الذي ذهب إليه الإمام الأوزاعي (٣)، وبعض أصحاب الإمام أحمد ابن حنبل (٤)، وابن حزم الظاهري؛ حيث قال: "والعجب أن المخالفين لنا يقولون فيمن تزوج امرأة وفي نيته أن لا يمسكها إلا شهرًا ثم يطلقها إلا أنه لم يذكر ذلك في عقد النكاح، فإنه نكاح صحيح لا داخلة فيه، وهو مخير إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها، وأنه لو ذكر ذلك في نفس العقد


(١) الاستذكار (٥/ ٥٠٧).
(٢) مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (٤/ ٣٠).
(٣) المغني لابن قدامة (٧/ ١٧٩).
(٤) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (٨/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>