للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثمًا" (١).

ثانيًا: أن الدفع قبل الغروب فيه مشابهة لأهل الجاهلية، حيث يدفعون قبل غروب الشمس، إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كعمائم الرجال على رؤوس الرجال، فلو دفع إنسان في مثل هذا الوقت لشابههم، ومشابهة الكفار في عباداتهم محرمة.

ثالثًا: أن تأخير الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدفع إلى ما بعد غروب الشمس، ثم مبادرته به قبل أن يصلي المغرب -مع أن وقت المغرب قد دخل- يدل على أنه لا بد من البقاء إلى هذا الوقت، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ممنوع من الدفع حتى تغرب الشمس، ولذلك بادر، فلو كان الدفع قبل غروب الشمس جائزًا لدفع قبل غروب الشمس، ووصل إلى مزدلفة في وقت المغرب، وصلى فيها المغرب مطمئنًا.

أما حديث عروة وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا" فهو مطلق، وقد قيد بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أنه وقف إلى الغروب، والمقيد يحكم على المطلق.

[العجز عن المبيت بمزدلفة]

المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد بات بها - صلى الله عليه وسلم - وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جدًا، وقال: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ" (٢)، وإذا لم يبت الحاج في مزدلفة فعليه دم، جبرًا لتركه الواجب، والخلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- في كون المبيت في مزدلفة ركنًا أو واجبًا أو سنة، مشهورٌ معلوم، وأرجح الأقوال الثلاثة أنه واجب على من تركه، وعليه دم وحجّه صحيح، وهذا


(١) رواه البخاري (٦٧٨٦)، ومسلمٌ (٢٣٢٧) عن عائشة -رضي الله عنها-.
(٢) رواه مسلم (١٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>