على ولي الأمر أن يجتهد في اختيار القضاة فهم نوابه في فصل الخصومات والنظر للقصار وحفظ أموالهم ومراقبة الأوقاف، وينبغي أن تكون لديه لجان متخصصة مهمتها دراسة أحوال من سيقع عليهم الاختيار وجمع المعلومات عنهم قبل ترشيحهم لجهة الاختصاص التي تسعى إلى تعيينهم قال موفق الدين ابن قدامة:"إِذَا أَرَادَ الإِمَامُ (أو من ينوب عنه) تَوْلِيةَ قَاضٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِالنَّاسِ وَيعْرِفُ مَنْ يَصْلُحُ لِلقَضَاءِ، وَلَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ، سَأَل أَهْلَ المَعْرِفَةِ بِالنَّاسِ، وَاسْتَرْشَدَهُمْ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ، وَإِنْ ذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُهُ، أَحْضَرَهُ وَسَأَلهُ، فَإِنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَإِلَّا بَحَثَ عَنْ عَدَالَتِهِ، فَإِذَا عَرَفَهَا وَلَّاهُ، وَيَكْتُبُ لَهُ عَهْدًا يَأْمُرُهُ فِيهِ بِتَقْوَى الله، وَالتثبتِ في القَضَاءِ، وَمُشَاوَرةِ أَهْلِ العِلمِ، وَتَصَفُّحِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ، وَتَأَمُّلِ الشَّهَادَاتِ وَتَعَاهُدِ اليَتَامَى، وَحِفْظِ أَمْوَالِهمْ وَأَمْوَالِ الوُقُوفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاج إلَى مُرَاعَاتِهِ"(١).
ويحسن أن يدربهم على القضاء بملازمة القضاة الأكفاء وتدريبهم عندهم على القضايا الصغيرة ثم يترقون في ذلك مع الدربة والخبرة.
(١) قال في مغني المحتاج (٤/ ٣٨٦): وتكفي الاستفاضة في الأصح. وانظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ٨٩).