الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين. وبعد:
تمهيد: فإن من سنن الله القائمة في كونه تبدل الأحوال وتغير الظروف، فلكل عصر أدواته ووسائله، ولكل أهل زمان عاداتهم وأعرافهم الخاصة، وقد تميز هذا العصر عن العصور السابقة بالتطور المادي الكبير الذي شمل كافة نواحي الحياة، وبخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا؛ حيث نشهد هذه الأيام ثورة عارمة وتقدمًا مذهلًا في وسائط الإعلام والاتصال وتقنية المعلومات، إلى درجة أن المرء بات عاجزًا عن ملاحقة ما يستجد في هذا المجال.
وكان لانتشار هذه الوسائل دور هام في تيسير أمور الناس وقضاء احتياجاتهم، فصاروا يعتمدون عليها في أغلب شؤون حياتهم، ولم يعد بإمكان أحد الاستغناء عنها في هذا الزمن، وقد أفرز هذا التطور جملة من النوازل والمسائل الجديدة التي تتطلب من علماء الشريعة بذل الجهد واستفراغ الوسع في استنباط أحكامها.
ولقد اهتم علماء الشريعة بما يستجد من النوازل الفقهية، وحظيت هذه النوازل باهتمام علماء العصر اهتمامًا بالغًا، فقاموا ببيان المنهج الشرعي في استنباط أحكامها، وبذل الوسع في بيان حكم ما وقع منها.
ونبين معنى فقه النوازل وأهميته، والضوابط التي ينبغي لأهل العلم أن يسلكوها عند حصول النازلة، وبيان الحكم الشرعي فيها.
أولًا: تعريف فقه النوازل لغة واصطلاحًا:
أ- تعريف الفقه لغة: الفِقه بالكسر: فهم الشيء.
وفي الاصطلاح: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية.