وإزاء ذلك فإنه يجوز للمرأة في حال الضرورة التي تتيقّن فيها أو يغلب على ظنّها حصول الأذى الذي لا تُطيقه أن تكشف وجهها، وإن الأخذ بقول مرجوح أولى من تعرضها للفتنة على أيدي رجال السوء.
ولئن جاز للمرأة كشف وجهها وكفيها في الحالات المتقدمة التي لا تصل إلى حد الإكراه، فإن جواز كشفهما لأذى يلحقها في نفسها أو دينها من باب أولى، خاصة إذا كان نقابها سيعرضها إلى عدوان عليها، والضرورات تبيح المحظورات، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، كما نص على ذلك أهل العلم.
وحيث جاز للمرأة كشف وجهها وكفيها في الحالات الاستثنائية المتقدمة، فلا يجوز لها ذلك مع الزينة بالمساحيق والحلي الظاهر، إذ يحرم عليها إظهارها أمام الرجال الأجانب عند جميع الفقهاء، ولعدم وجود ضرورة أو حاجة ماسة تدعو إلى ذلك.
حجاب المرأة أمام المعاق ذهنيًا:
المعاق ذهنيًّا إن كان لا يدري أمور النساء، وليس له ميل نحوهن لكونه لا شهوة لديه لا للجماع ولا لمقدماته، فلا حرج من وضع الحجاب أمامه؛ لأنه داخل في عموم قوله تعالى:{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ}[النور: ٣١].
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن حكم غير أولي الإربة حكم المحارم في النظر إلى النساء، يرون منهن موضع الزينة مثل الشعر والذراعين وحكمهم في الدخول عليهن مثل المحارم أيضًا.
أما إن كان يعلم أمور النساء وله شهوة لهن، فلا يجوز للمرأة أن تلقي حجابها أمامه، كما تحرم الخلوة بينهما إلا مع ذي محرم.
والأولى أن تستر المرأة نفسها، فالسلامة لا يعدلها شيء.