للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكفارة المترتبة على ذلك]

١ - يرى الحنفية وبعض الحنابلة أنه تجزئ القاتل خطأ كفارة واحدة إذا تعدد القتل؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة، ولأن الكفارة جزاء جناية تكرر سببها قبل استيفائها فتتداخل.

٢ - ويرى المالكية والشافعية وبعض الحنابلة: أنه لا تجزئ كفارة واحدة وإنما يلزم أكثر من كفارة بعدد القتلى (١).

الراجح:

إن الموضوع قد تم دراسته وبيان حكمه من قبل الفقهاء قديما، ولكن نتيجة لكثرة أعداد المتوفين الذين قد يصل إلى مئات في مثل تلك الحالات، وهذه أمور قد جدت في هذا الزمان، من حيث كثرة العدد وهي من هذا الجانب تعد نازلة، فنرى أنه إذا كان القاتل خطأ في وسائل النقل الجماعي من طائرات وسيارات وسفن وغيرها متعديًا فإن عليه الكفارة ولمرة واحدة؛ لأن السبب في هذه الحوادث واحد لم يتعدد، ولأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة (٢). فقد يكون القتلى مئة أو أكثر، فلو قيل بالتعدد للكفارة لاستغرق تأديتها عمر المتعدي أو معظمه، وفي ذلك مشقة عظيمة عليه، وقد أخذت بذلك دار الإفتاء المصرية كما جاء في الفتوى ٣٦٣ وتاريخ ٢٤/ ٢ / ٢٠٠٧ م فقد جاء فيها: "ومن المناسب في عصرنا الأخذ بالرأي الأول (٣)، في حال تعدد القتلى بحادث واحد في وسائل النقل الجماعية؛ لأنه أيسر من الرأي الثاني الذي يلزم بالكفارات بعدد القتلى، وفي هذا حرج ومشقة، والمشقة تجلب التيسير؛ ولا سيما أن القتل حدث خطأً".


(١) بدائع الصنائع للكاساني (٧/ ٣٧١) نشر وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، ومواهب الجليل للحطاب (٦/ ٢٦٨) دار الفكر الطبعة الثالثة ١٤١٣ هـ، نهاية المحتاج للرملي (٧/ ٣٨٦) مطبعة الحلبي بمصر، والمغني لابن قدامة (١٢/ ٨٠)، والمبدع في شرح المقنع لابن مفلح (٩/ ٢٨) المكتب الإسلامي.
(٢) ويرى الدكتور عبد الله الطيار أنه لا بد لكل شخص من كفارة مستقلة؛ لأن الكفارات لا تتداخل.
(٣) وهو أن الكفارة تكون واحدة ولو تعدد القتلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>