للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قدامة: "اختار أبو الخطاب رد اليمين على المدعي إذا نكل المدعى عليه حلف المدعي وحكم له بما ادعاه قال: وقد صوبه أحمد فقال: ما هو ببعيد يحلف ويستحق وقال: هو قول أهل المدينة روي ذلك عن علي -رضي الله عنه- وبه قال شريح والشعبي والنخعي وابن سيرين ومالك في المال خاصة وقاله الشافعي في جميع الدعاوى لما روي عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد اليمين على طالب الحق؛ ولأنه إذا نكل ظهر صدق المدعي وقوي جانبه فتشرع اليمين في حقه كالمدعى عليه قبل نكوله وكالمدعي إذا شهد له شاهد واحد؛ ولأن النكول قد يكون لجهله بالحال وتورعه عن الحلف على ما لا يتحققه أو للخوف من عاقبة اليمين أو ترفعًا عنها مع علمه بصدقه في إنكاره ولا يتعين بنكوله صدق المدعي فلا يجوز الحكم له من غير دليل فإذا حلف كانت يمينه دليلًا عند عدم ما هو أقوى منها" (١).

[القول الثالث]

أن المدعى عليه لا يقضى عليه بالنكول ولا ترد اليمين على المدعي بل يؤدب حتى يقر أو يحلف وهو قول ابن حزم.

قال ابن حزم: "فإن لم يكن للطالب بينة وأبى المطلوب من اليمين أجبر عليها أحب أم كره بالأدب ولا يقضي عليه بنكوله" (٢).

[القول الرابع]

أنه إذا كان المدعي عالمًا بما يدعيه قطعًا لا يقضى له بمجرد نكول المدعى عليه وإنما ترد اليمين على المدعي فإن حلف استحق ما يدعيه، وإن نكل لم يحكم له


(١) المغني (١٠/ ٢١٦).
(٢) المحلى (٩/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>