للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - لا يشترط في القضاء رضا الخصمين فالقاضي له سلطة ملزمة ويعاقب المخالف على حين أن المحكم يشترط لسلطته في الحكم رضا الخصمين وبعد الرضا يكون الحكم ملزمًا لهما فقط.

٥ - القاضي لا يعزل إلا من قبل السلطان، وأما المحكم فبمجرد انتهاء التحكيم تنتهي مهمته (١).

ثالثًا: قضاء المظالم:

المظالم لغة: جمع مظلمة، والظلم الجور ومجاوزة الحد، ووضع الشيء في غير موضعه (٢)

وقضاء المظالم في الاصطلاح هو: قَوْدُ المُتظَالمَيْنِ إلَى التّنَاصُفِ بالرَّهْبَةِ، وَزَجْرُ المتنَازِعَيْنِ عَنْ التَّجَاحُدِ بِالهَيْبَةِ (٣).

والأصل فيها ما رواه البخاري بسنده عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر: أَنَّ الزُّبَيْرَ كان يحدث: أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا من الأَنْصَارِ -قد شَهِدَ بَدْرًا- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شِرَاجٍ (٤) من الحَرَّةِ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كلاهما، فقال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ: "اسْقِ يا زبيْرُ، ثُمَّ أَرْسِل إلى جَارِكَ" فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فقال: يا رَسُولَ الله، آنْ كان ابن عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قال: "اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حتى يَبْلُغَ الجَدْرَ" (٥) فَاسْتَوْعَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ للزبير حَقَّهُ، وكان قبل ذلك أَشَارَ على الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ


(١) القضاء في الإِسلام وآداب القاضي للدكتور جبر محمود الفضيلات (ص: ١٦٥).
(٢) لسان العرب (١٢/ ٣٧٣ - ٣٧٥).
(٣) الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ٨٦)، الأحكام السلطانية للبعلي (ص: ٧٣).
(٤) الشرج: مسيل الماء من العَسِر إلى السهل. عمدة القاري (١٢/ ٢٠١).
(٥) قوله: أحبس الماء حتى يبلغ الجدر فبلغ ذلك إلى الكعبين. فتح الباري (٥/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>