للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعَةٍ له وَللأَنْصَارِيِّ، فلما أَحْفَظَ (١) الأَنصَارِيُّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اسْتَوْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ في صَرِيحِ الحُكْمِ (٢).

ومنْ صفات النَّاظِرِ في المظالم: أَنْ يَكُونَ جَلِيلَ القَدْرِ، نَافِذَ الأَمْرِ، عَظِيمَ الهَيْبةِ ظَاهِرَ العِفَّةِ، قَلِيلَ الطَّمَعِ، كَثِيرَ الوَرَعِ؛ لِأنهُ يَحْتَاجُ في نَظَرِه إلَى سَطْوَةِ الحُمَاةِ وَثَبْتِ القُضَاةِ، فَيَحْتَاجُ إلَى الجَمْعِ بَيْنَ صِفَاتِ الفَرِيقَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ بجَلَالَةِ القَدْرِ نَافِذَ الأَمْرِ في الجِهَتين (٣).

وولاية المظالم سلطة قضائية أعلى من سلطة القاضي والمحتسب، والنظر في المظالم موضوع في الأصل لما عجز عنه القضاة، وينظر قاضي المظالم في ظلامات الناس من الولاة والجباة والحكام، أو من أبناء الخلفاء أو الأمراء، أو القضاة.

ويشتمل نظر المظالم على عشرة أشياء (٤).

الأَوَّلُ: النَّظَرُ في تَعَدِّي الوُلَاةِ عَلَى الرَّعِيَّةِ، فيبحث عن أحوالهم؛ لِيُقَوِّيَهُمْ إنْ أَنْصَفُوا وَيَكُفَّهُمْ إنْ عَسَفُوا، وَيَسْتَبْدِلَ بِهِمْ إنْ لَمْ يُنْصِفُوا.

الثَّانِي: جَوْرُ الموظفين فِيمَا يَجِبُونَهُ مِنْ الأَمْوَالِ، فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى القَوَانِينِ العَادلَةِ في دَوَاوِينِ الأَئِمَّةِ، فَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَيَأْخُذُ الموظفين بِهَا، وَيَنْظُرُ فِيمَا اسْتَزَادُوهُ، فَإِنْ رَفَعُوهُ إلَى بَيْتِ المَالِ أَمَرَ بِرَدِّهِ، وَإِنْ أَخَذُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ اسْتَرْجَعَهُ لِأَرْبَابِهِ.


(١) أحفظه: أغضبه. المعجم الوسيط (١/ ١٨٥).
(٢) صحيح البخاري (٢/ ٩٦٤)، كتاب الصلح، بَاب إذا أَشَارَ الإِمَامُ بِالصُّلحِ فَأَبَى حَكَمَ عليه بِالحُكْمِ البيِّنِ، برقم (٢٥٦١).
(٣) الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ١٣٣)، الأحكام السلطانية للبعلي (ص: ٧٣).
(٤) الأحكام السلطانية للبعلي (ص: ٧٦ - ٧٨). وانظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ١٣٩ - ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>