ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى وجوب رضا المحال؛ لأن الدين حقه فلا ينتقل من ذمة إلى ذمة إلا برضاه؛ إذ الذمم تتفاوت يسارًا وإعسارا وبذلًا ومطلًا، ويرى الحنابلة أنه إذا كان المحال عليه مليئًا؛ والمراد به القادر على الوفاء غير الجاحد ولا المماطل، فإنه يلزم المحال القبول، ولا يشترط رضاه بالحوالة، ويستدلون بالحديث الوارد بالباب (١).
والذي يظهر من تعليل الجمهور بعدم إلزام المحال بالحوالة هو كون المحال عليه يختلف حاله يسارًا وإعسارًا وبذلًا ومطلًا، وما دام أن ذلك هو السبب بعدم إلزام المحال، فإذا تم التحقق من يسار المحال عليه وبذله كما هو نص الحديث:
"مَليءٍ" فيمكن أن يقال بإلزام المحال، أما عند عدم تحققه فإن الجميع لا يرون إلزامه بذلك كما هو المفهوم من الحديث وبذلك يجتمع القولان. والله أعلم.
[رضا المحال عليه]
يرى الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة أنه لا يشترط رضا المحال عليه، وهذا هو نص الحديث:"مَنْ أُحِيلَ على مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ" ولأن الحق للمحيل، فله أن يستوفيه بنفسه أو بوكيله.
ويرى الحنفية أنه يشترط رضا المحال عليه؛ لأن الناس يتفاوتون في تقاضي ديونهم فلا يلزم من ذلك بما لم يلتزمه.
والراجح: عدم اشتراط رضا المحال عليه؛ للحديث ولأن المحال عليه سيدفع المال لأي منهما ولا فرق في ذلك.
(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٦٠)، وجواهر الأكليل شرح مختصر خليل (٢/ ١٠٧)، وروضة الطالبين، للنووي (ص: ٧٠٦)، والمغني، لابن قدامة (٧/ ٦٢).