للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن قوله: "نهى عن ربح ما لم يضمن" قال: هذا في الطعام وما أشبه من مأكول ومشروب فلا يبيعه حتى يقبضه.

وقال ابن عبد البر: الأصح أن الذي يمنع من بيعه قبل قبضه هو الطعام؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيعِ الطعامِ قبلَ قبضِه" فمفهومه إباحة ما سواه قبل قبضه.

وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المشتري طعامًا فليس له أن يبيعه حتى يستوفيه (١).

وأما الأحاديث التي استدل بها المانعون من بيع كل شيء قبل قبضه، فإنه لم يصح منها إلا حديث الطعام وهو ما يحتج به المجيزون في بيع غير الطعام قبل قبضه، فإن تخصيصه الطعام بالنهي عن بيعه قبل قبضه يدل على إباحة ما سواه، وردوا قولهم بأنه لم يتم الملك على المبيع بأن ذلك ممنوع، لأن السبب المقتضيَ

للملك متحقق، واليد ليست شرطًا في صحة البيع بدليل جواز بيع المال المودع والمورث والتصرف في الصداق (٢). وهذا هو الراجح. والله أعلم.

القبض الحكمي: وهو التخلية بين المبيع والمشتري ليتصرف فيه.

ويقوم القبض الحكمي مقام القبض الحقيقي في أحوال كثيرة وإن لم يكن متحققًا حسًا في الواقع؛ وذلك لأسباب تقتضي اعتباره تقديرًا وحكمًا، جاء في المغني لابن قدامة: "وقبض كل شيء بِحَسْبِه ... "، وقال أبو حنيفة: "التخلية في ذلك قبض"، وجاء فيه: "ولأن القبض مطلق في الشرعِ فيجب الرجوع فيه إلى العرف، كالإحراز، والتفرق"، وجاء في المهذب (١/ ٢٧٠): "لأن الشارعَ أطلق


(١) بداية المجتهد، لابن رشد (٢/ ١٤٣)، والشرح الكبير، لشمس الدين أبي الفرح المقدسي (٤/ ١١٦).
(٢) المغني، لابن قدامة (٦/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>