للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة ومالك، وذهب الشافعي وهو رواية عن أحمد أنه يسن تكرار مسح الرأس (١).

والصحيح أنه لا يسن تكرار المسح، ولذا قال ابن القيم -رحمه الله-: "والصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه بل إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس ... بل ما عدا هذا إما صريح غير صحيح كحديث ابن البيلماني: "ومسح برأسه ثلاثًا"، وابن البيلماني وأبوه مُضَعَّفان، وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود: "مسح رأسه ثلاثًا قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أنه مسح رأسه مرة" (٢).

[هل يجزئ غسل الرأس عن المسح عند الوضوء؟]

اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه يجزئه؛ لأن الله إنما أسقط الغسل عن الرأس تخفيفًا لأنه يكون فيه شعر فيمسك الماء ويسيل إلى أسفل. ولا سيما في أيام الشتاء والبرد، فإذا غسله فقد اختار لنفسه ما هو أغلظ فيجزئه.

القول الثاني: أنه يجزئه مع الكراهة، بشرط أن يمر يده على رأسه، وإلا فلا، وهذا هو المذهب؛ لأنه إذا أمرّ يده فقد حصل المسح مع زيادة بالغسل.

القول الثالث: أنه لا يجزئه؛ لأنه خلاف أمر الله ورسوله؛ قال الله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، وإذا كان كذلك فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٣).

والصحيح من الأقوال: أن المسح أفضل من الغسل، لكن إن غسله أجزأه


(١) المغني، لابن قدامة (١/ ١٧٨).
(٢) زاد المعاد (١/ ١٩٣).
(٣) أخرجه البخاريّ في كتاب البيوع، باب النجش ومن قال لا يجوز ذلك البيع (٦١)، ومسلمٌ في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (١٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>