ولكن هنا أمر يتوجه إلى المريض نفسه وهو: أن يتجنب طرق العدوى للآخرين ممّن هو محترم النفس؛ لما ثبت من نصوص الشرع الحنيف من حرمة الإضرار وإلقاء الأنفس إلى التهلكة.
خامسًا: حكم تعمد نقل العدوى بمرض الإيدز:
إن تعمد نقل العدوى إلى الآخرين عمل محرم؛ وذلك لحرمة الإضرار بالآخرين وبخاصة الأضرار المؤدية إلى الموت.
وتعمد نقل العدوى بمرض الإيدز له أحوال:
الأول: أن يتعمد نقل العدوى إلى شخص سليم بغرض قتله:
فالحكم هنا أنه يأثم بفعله هذا، فإن مات ذلك الشخص كان جزاء الجاني أن يقتل قصاصًا لقوله تعالى:{وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: ١٧٩]، وقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨]، وإن لم يمت عوقب الجاني بعقوبة تعزيرية تتفق مع فظاعة الجرم.
الثاني: أن يتعمد نقل العدوى بقصد إشاعة المرض في المجتمع، فهذا الجرم يعد نوعًا من الحرابة تستوجب عقوبتها، وذلك دفاعًا عن النفوس التي يجب حفظها عن المرض المهلك؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ في الدُّنْيَا وَلَهُمْ في الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)} [المائدة: ٢٣].
الثالث: أن يكون قصد المعدِي هو قتل المُعدَى، وقد تحقق القتل بعد أن مات المُعدَى، فالحكم هو ثبوت الديّة فيما تركه المُعدِى؛ وذلك لعدم إمكان القصاص فنتنزل إلى الدية.