للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإِمام البخاري: "باب ما يكره من السجع في الدعاء" وساق هذا الأثر عن عكرمة عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: "حَدِّثِ الناس كل جمعة مرّة، فإن أَبَيْتَ فمرتين، فإن أكثرت فثلاث مرّات. ولا تملّ الناس هذا القرآن، ولا ألفَيَنَّكَ تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقصّ عليهم فتقطع عليهم حديثهم فتملّهم، ولكن أنصت، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه. وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه؛ فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب" (١).

ومعنى السجع هو الكلامُ المتشابهُ المخارجِ وليس بشعر.

وخلاصة الكلام في ذلك أنّه لا يتكلّف الداعي السجع تكلّفًا يذهب صدق الدعاء واللهج به ويصرفه عن قصده. ولا يطيل فيه إطالة يخالف فيها هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشقّ على المأموم فيها.

فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحبّ الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك" (٢).

ثامنًا: حكم الدعاء على مُعَيَّنٍ:

لا يجوز تعيين أشخاص بأسمائهم بالدعاء عليهم، وما نراه من بعض الأئمة من تعيين رموز الكفر بالدعاء عليهم، هذا الأمر لا ينبغي؛ وذلك لأمور منها:

أولًا: أن الله تعالى نهى نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك حينما عين بعض الأشخاص -وهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام- فأنزل الله تعالى: {ليْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (٣)، (٤).


(١) أخرجه البخاريُّ في كتاب الدعوات، باب ما يكره من السجع في الدعاء، برقم (٥٩٧٨).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الوتر، باب الدعاء، برقم (١٤٨٢).
(٣) سورة آل عمران: ١٢٨.
(٤) أخرجه البخاريُّ في كتاب التفسير، باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، برقم (٣٨٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>