للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قال: "كلاكما قتله" وإن كان أحدهما هو الذي أثخنه ليطيب نفس الآخر (١).

[ومن أمثلة الحكم بالقرينة]

* الرجل يتزوج المرأة من غير أن يراها سابقًا فتزفها إليه ولائد لا يثبت بشهادتهن أن هذه هي فلانة التي وقع عليها العقد فيجوز له جماعها من غير احتياج إلى بينة تشهد على عينها أنها هي التي وقع العقد عليها اعتمادًا على قرينة النكاح.

* وكالرجل ينزل ضيفًا عند قوم فيأتيه الخادم بالطعام فيجوز له الأكل من غير احتياج إلى ما يثبت إذن مالك الطعام له في الأكل اعتمادًا على القرينة.

* وكقول مالك -رحمه الله- ومن وافقه: "إن من شم في فيه ريح الخمر يحد حد الشارب اعتمادًا على القرينة؛ لأن وجود ريحها في فيه قرينة على أنه شربها" (٢).

[تعارض القرائن]

القاعدة العامة أن القرائن إذا تعارضت فإن العمل يكون بأقواها، يدل على ذلك قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (٣)، حيث إن إخوة يوسف لما جعلوا يوسف في غيابة الجب جعلوا على قميصه دم سخلة ليكون قرينة على صدقهم في دعواهم أنه أكله الذئب، ولكن يعقوب أبطل قرينتهم هذه بقرينة أقوى منها وهي عدم شق القميص فقال: سبحان الله متى كان الذئب حليمًا كيسًا


(١) فتح الباري (٦/ ٢٤٨).
(٢) أضواء البيان (٢/ ٢١٥ - ٢١٦).
(٣) سورة يوسف: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>