للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن السنة: ما رواه البخاري ومسلمٌ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت" (١).

وجه الدلالة من الحديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل صمات البكر قرينة على رضاها، ويعتبر هذا الحديث من أقوى الأدلة على الحكم بالقرائن.

وروى البخاري ومسلمٌ أيضًا عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل قال: قلت: نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي قال: أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال: فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال: مثلها قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه قال: فابتدراه فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه فقال: "أيكما قتله" فقال كل واحد منهما: أنا قتلته فقال: "هل مسحتما سيفيكما" قالا: لا، فنظر في السيفين فقال: "كلاكما قتله" وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. والرجلان: معاذ ابن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء (٢).

فإن نظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى السيفين عمل بالقرينة ليرجح من القاتل بما يراه من أثر الطعان وصبغ الدم فأعطى السلب لمعاذ بن عمرو بن الجموح لوجود علامات على سيفه تشير إلى أن سيفه أنفذ مقاتل أبي جهل فكان هو المؤثر في قتله.


(١) صحيح البخاري، برقم (٤٨٤٣)، صحيح مسلم، برقم (١٤١٩).
(٢) صحيح البخاري، برقم (٢٩٧٢)، صحيح مسلم، برقم (١٧٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>