للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} (١).

قال القرطبي: "لما أرادوا أن يجعلوا الدم علامة على صدقهم قرن الله بهذه العلامة علامة تعارضها وهي سلامة القميص من التنييب إذ لا يمكن افتراس الذئب ليوسف وهو لابس القميص ويسلم القميص من التخريق ولما تأمل يعقوب -عليه السلام- القميص فلم يجد فيه خرقًا ولا أثرًا استدل بذلك على كذبهم، وقال لهم: متى كان هذا الذئب حكيمًا يأكل يوسف ولا يخرق القميص" (٢).

قال ابن فرحون: "استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل كثيرة من الفقه" (٣).

وقوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (٤). هذه الآيات أصل في الحكم بالقرائن.

قال الشنقيطي: "يفهم من هذه الآية لزوم الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين وكذب الآخر؛ لأن ذكر الله لهذه القصة في معرض تسليم الاستدلال بتلك القرينة على براءة يوسف يدل على أن الحكم بمثل ذلك حق وصواب؛ لأن كون القميص مشقوقًا من جهة دبره دليل واضح على أنه هارب عنها وهي تنوشه من خلفه" (٥).


(١) سورة يوسف: ١٨.
(٢) تفسير القرطبي (٩/ ١٤٩).
(٣) تبصرة الحكام (٢/ ١١٧).
(٤) سورة يوسف: ٢٦ - ٢٨.
(٥) أضواء البيان (٢/ ٢١٥ - ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>