للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التصريح فإنه غير آثم عند الله -سبحانه وتعالى-، وغير مسؤول عن ذلك، والله -عَزَّ وجَلَّ- أرحم من أن يكلف عباده ما لا يستطيعون.

هل جدّة ميقات أم لا؟

هذه المسألة قد تكون نازلة باعتبار أن جدة لم تكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما هي الآن، مدينةً مأهولة وعامرة، وباعتبار أيضًا أن الناس إلى عهد قريب كان كثير منهم يأتي إلى الحج عن طريق البر، وحتى الذين يأتون عن طريق البحر كانوا ربما نزلوا عن طريق ينبع أو عن طريق الشعيبة، وهذه كلها لا إشكال فيها، فالذي يأتي من ينبع يحرم من الجحفة، والذي يأتي من الشعيبة يحرم من يَلَمْلَمَ، أما في هذه الأزمنة فأكثر من نصف الحجاج يأتي عن طريق جدة، إما عن طريق الطيران، أو عن طريق البحر، فبالنسبة إلى هؤلاء هل نقول لهم إن جدة ميقات، بحيث إن الواحد منهم لا يحرم حتى يصل إلى جدة وينزل فيها ثم بعد ذلك يحرم، أم نقول إن الإحرام واجب عليهم قبل أن يصلوا إلى جدة؟

نقول: اختلف أهل العلم المعاصرون في هذه النازلة:

فذهب بعضهم إلى أن جدة ميقات لمن نزل بها جوًا أو بحرًا.

وقال آخرون: إنها ليست ميقاتًا إلَّا لأهلها.

والراجح عندنا: أن جدة ليست ميقاتًا إلَّا لأهلها المقيمين بها، أو مَنْ نزل إليها لا يريد الحج أو العمرة ثم بدا له ذلك، أما من قدم إليها مريدًا للحج أو العمرة وجعلها ميقاتًا له أو جعلها ميقاتًا لمن قدم إليها عن طريق الجو والبحر، فإنه قد أخطأ في ذلك، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة (١).


(١) فتاوى اللجنة الدائمة (١١/ ١٢٥) الفتوى رقم (٢٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>