للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرى الحنابلة: أنه يجوز الصلح سواء أكان عينًا أم دينًا بإذن المدعى عليه أم بغير إذنه، لكن إن كان الصلح بإذن المدعى عليه فإن الأجنبي يرجع عليه بما أدى، وإن كان بغير إذنه فلا يرجع عليه؛ لأنه أدى عنه ما لا يلزمه فكان متبرعًا (١).

الراجح: نرى أن القول بصحة الصلح بين الأجنبي والمدعي سواء كان عينًا أم دينًا بإذن المدعى عليه أم بغير إذنه، هو الأَوْلى؛ لحديث عليٍّ وأبي قتادة -رضي الله عنهما- حيث قضيا عن الميت فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ويرجع بما أداه إذا كان بإذنه؛ لأنه قد أقره فيما يقوم به من صلح، وفي حال عدم الإذن فلا يرجع عليه بشي فإن إلزام المدعى عليه بما لم يقبله فيه مضرة عليه؛ حيث إنه يمكن ألا يثبت هذا الحق المدعى به.

[آثار الصلح]

تَجْرِي على عقد الصلح أحكامُ أقرب العقود إليه شبهًا، فالصلح عن مال بمال يعتبر في حكم البيع، والصلح عن مال بمنفعة يكون في حكم الإجارة، والصلح على بعض العين المدَّعاة هبة، والصلح عن نقد بنقد له حكم الصرف، والصلح في دعوى الدين على أن يأخذ المدَّعِي أقل من المطلوب لترك دعواه يعتبر أخذ بعض الحق وإبراء الباقي، ونتيجة لذلك فإنه يجري على الصلح أحكام العقد الذي اعتبر به وتراعى فيه شروطه ومتطلباته وتحصل البراءة عن الدعوى ويقع الملك في بدل الصلح للمدعي وفي المصالح به للمدعى عليه (٣).


(١) البحر الرائق (٧/ ٢٥٩)، ومواهب الجليل، للحطاب (٥/ ٨١)، ونهاية المحتاج (٤/ ٣٧٧)، والمبدع في شرح المقنع (٤/ ٢٨٧).
(٢) حديث عليٍّ أخرجه البيهقيُّ (٦/ ٧٣)، وحديث أبي قتادة أخرجه البخاريُّ (٣/ ١٢٣).
(٣) تبيين الحقائق، للزيلعي (٥/ ٣١)، والخرشي على مختصر خليل (٦/ ٢)، وروضة الطالبين (ص: ٦٩٠)، وكشاف القناع (٣/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>