ثالثًا: التكييف الشرعي لمرض الإيدز من جهة مرض الموت:
إن مرض الموت عُرفًا هو: المرض الذي يستشعر فيه الإنسان بدنوّ أجله، وقد حكم الشارع في هذه الحالة بالحجر على تصرفات المريض التي تضرّ بحقوق الدائنين والورثة. وبما أن مرض الإيدز -على ما ذكره الأطباء- يكمن في الجسم عدة سنوات قد تبلغ عشر سنين أو أكثر يكون فيها المصاب بالمرض عاديًا في كل تصرفاته في أكثر هذه المدة، إذًا لا يمكن أن يحكم على المريض بمرض الإيدز أنه في حالة مرض الموت.
فإذا وصل المريض إلى مراحله المتأخرة من العدوى التي يستفحل فيها المرض وتصاحب المريض تغييرات سلوكية مصحوبة بالخرف، وتقعده عن ممارسة الحياة اليومية، وتتصل هذه التغييرات بالموت، ففي هذه المراحل يحكم على المريض بأنّ مرضه مرض الموت، حيث إنّه في هذه الحالة الشديدة يستشعر بدنوّ أجله، وبهذا ينطبق عليه عنوان (مرض الموت)، فتتقيّد تصرفاته المضرّة بحقوق الديان والورثة.
رابعًا: حكم عزل المصاب بالإيدز:
إن عزل المريض فيه نفع للمجتمع وللمريض معًا، أما للمجتمع فيتصور في الوقاية من انتشار المرض، وأما للمريض فيتصور في حفظ المريض من أن تسري إليه العدوى بأمراض الآخرين وهو في حالة منهكة، وتقديم الرعاية المركزة له.
وبناء على ما ذكرناه آنفًا من أسباب نقل العدوى بمرض الإيدز فلا مسوّغ لعزل المريض بالإيدز من المجتمع في مصحّات خاصة؛ لعدم وجود أي احتمال أساسي لانتقال المرض عن طريق الطعام أو الشراب أو المرافق الصحية أو المسابح أو التنفس أو المقاعد أو أدوات الطعام أو الملابس أو اللمس.