للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمل ما حلف عليه مكرهًا:

إن المكره على الفعل لا يخلو إما أن يكون مكرهًا ملجأ إليه: مثل أن يحلف ألا يدخل دارًا فحُمِل فأدخلها ولم يمكنه الامتناع، فيرى أبو حنيفة: أنه لا يحنث ولا كفارة عليه، وهو قول مالك وأحمدُ وهو الصحيح.

وإما أن يُكرَه على الفعل بالضرب والتهديد بالقتل ونحوه، فهذا يختلف فيه الفقهاء فيرى أبو حنيفة ومالك: أنه يحنث إن عمل ما حلف عليه مكرهًا بذلك؛ لأن الكفارة لا تسقط بالشبهة، ويرى أحمد وهو قول للشافعي أنه لا يحنث لحديث: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (١)، وعمله ذلك نوع إكراه فلا يحنث به (٢)، وهو الصحيح -إن شاء الله-.

[تعدد الكفارة]

إذا حلف الإنسان أيمانًا وحنث فيها فقد اختلف الفقهاء هل تتداخل الكفارات فتجزئه كفارة واحدة أو لا تتداخل فيجب عليه كفارة لكل يمين على النحو الآتي:

١ - فيرى الحنفية والشافعية والحنابلة في قول لكل منهم أنه إذا كرر الأيمان على فعل واحد أو حلف يمينًا واحدة على عدة أشياء كما لو حلف ألا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ثم حنث في أحدها فعليه كفارة واحدة؛ لأن الكفارات تتداخل، أما إذا كرر الأيمان على عدة أفعال ثم حنث فيها فعليه كفارة لكل يمين.

٢ - ويرى المالكية: أن من حلف على أمور شتى بيمين واحدة أن كفارته


(١) سبق تخريجه (ص: ١٨).
(٢) حاشية ابن عابدين (٣/ ٧٤٥)، والقوانين الفقهية (ص: ١٨١)، وروضة الطالبين (ص: ١٨٩٩)، والمغني لابن قدامة (١٣/ ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>