للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نسب ولد الزنا]

اختلف الفقهاء في نسب ولد الزنا وهو الذي يولد على غير فراش الزوجية هل يلحق بأمه أو بالزاني؟ على قولين:

القول الأول: أنه يلحق بالزاني إذا استلحقه وهو مذهب إسحاق بن راهويه واختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم؛ وقال الحسن وابن سيرين: يلحقه إذا أقيم عليه الحد، وقال إبراهيم يلحقه إن أقيم عليه الحد أو ملك الموطوءة (١).

وذلك كله بناء على أن زنا الرجل حقيقة ثابتة فكما ثبت نسبه من الأم ثبت نسبه من الزاني حتى لا يضيع نسب الولد فيصيبه الضرر والعار بسبب جريمة لم يرتكبها. وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢). والقول بهذا القول قوي وخصوصًا في المجتمعات الغربية التي يتعارف فيها الزوجان وينجبان قبل الزواج ثم يتزوجان بعد ذلك ثم يتوبان إلى الله وتصلح أحوالهما بعد ذلك وقد نسب إليهما أولادهما وعاشوا في كنفهم.

القول الثاني: أنه يلحق بأمه ولا يلحق بالزاني وهو مذهب جمهور الفقهاء لحديث عائشة -رضي الله عنها-: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر". ولأن النسب نعمة من الله تعالى في علاقة مشروعة فيجب أن لا يترتب على الزنا الذي هو جريمة. ولأنه لا يلحق به إذا لم يستلحقه، فلم يلحق به بحال، كما لو كانت أمه فراشا، أو كما لو لم يجلد الحد عند من اعتبره (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٣٧، ١٤٠)، الفتاوى الكبرى (٢/ ٢٢٦)، إعلام الموقعين (٤/ ٣٥٦).
(٢) سورة الإسر اء: ١٥.
(٣) الفتاوى الهندية (٤/ ١٢٧)، الجوهرة النيرة (١/ ٢٥٨)، شرح الخرشي على خليل (٦/ ١٠١)، أسنى المطالب (٣/ ٢٠)، المغني (٧/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>