للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نفقة المطلقة]

لا تخلو المطلقة إما أن يكون طلاقها رجعيًا أو بائنًا فإن كان رجعيًا فلا خلاف بين الفقهاء في وجوب النفقة والسكنى والكسوة لها ما دامت في العدة؛ لأنها في حكم الزوجات لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (١).

وإن كان طلاقها بائنًا سواء كانت بينونة كبرى أم بينونة صغرى بخلع أو فسخ ونحو ذلك فإن كانت حاملًا فلها النفقة بالإجماع (٢) وإن اختلفوا هل النفقة للحمل أو للحامل لأجل الحمل، ومستند الإجماع قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٣). وحديث فاطمة بنت قيس: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا" رواه أبو داود (٤). ولأن الحمل ولد للزوج المطلق فلزمه الإنفاق عليه ولا يمكنه ذلك إلا بالإنفاق على أمه الحامل به.

أما إن كانت غير حامل فقد اختلف الفقهاء في حقها على ثلاثة أقوال:

الأوّل: لها النفقة والسكنى وهو مذهب الحنفية (٥) لحديث عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- لما سمع حديث فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- تقول: طلقني زوجي ثلاثًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سكنى لك ولا نفقة" قال عمر: لا ندع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت، وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة (٦). ولأنها مطلقة فوجبت لها النفقة والسكنى كالرجعية.


(١) سورة البقرة: ٢٢٨
(٢) التمهيد لابن عبد البر (١٩/ ١٤١)، تفسير القرطبي (٣/ ١٨٥)، الغني (٩/ ٢٨٨).
(٣) سورة الطلاق: ٦.
(٤) سنن أبي داود برقم (٢٢٩٠)، والنسائيُّ برقم (٣٢٢٢).
(٥) حاشية ابن عابدين (٣/ ٦٠٩).
(٦) رواه أحمد (٦/ ٤١٥)، والترمذيُّ برقم (١١٨٠) وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وابن حبان [١٠ - ٦٣ (٤٢٦٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>