القول الثالث: التمييز بين الحقنة الشرجية التي تدخل مادة غذائية في الجسم، فهذه تعتبر مفسدة للصوم، وبين الحقنة الشرجية التي تحمل مادة ملينة للأمعاء، كالماء والصابون وغير ذلك، وهذه لا تفسد الصوم؛ لأنها قد لا تمتصُّ، والهدف منها إخراج الفضلات من الجسم.
والصواب أن يقال: إن الأولى في حق الصائم تأخير استعمال الحقنة الشرجية إلى ما بعد الإفطار؛ احتياطًا للعبادة، سواء كانت تحمل موادَّ غذائية أو سوائل أخرى، ما دام العلم قد أثبت أن الأمعاء الغليظة لها قدرة على امتصاص السوائل، وأن الأمعاء الدقيقة هي التي يحدث فيها معظم الامتصاص، ولا نظن أن هناك ضرورة ملحَّة تقضي باستعمال الحقنة الشرجية أثناء فترة الصوم، لا سيما وأن كثيرًا من أساتذة الطب ينصحون بعدم إجراء الحقن الشرجية أثناء الصوم؛ لأنها تسبب ضعفًا في عضلات الأمعاء وغشائها وتخرش القولون، وتنهك المريض، وتستهلك قواه. والله أعلم.
[التحاميل الشرجية]
تعريفها: التحاميل الشرجية: هي ما يوضع في دبر المريض لعلاج بعض الأمراض مثل البواسير، ولتخفيض الحرارة، وهي معروفة.
حكمها: محل خلاف بين أهل العلم باعتبار أنها تصل إلى الجوف وبالتالي هل يحصل بها التفطير لوصولها إلى الجوف أم لا يحصل بها التفطير؟
والصحيح: أنه لا بأس أن يستعمل الصائم التحاميل التي تُجعَل في الدبر إذا كان مريضًا؛ لأن هذا ليس أكلًا ولا شربًا، ولا بمعنى الأكل والشرب، والشارع إنما حرم علينا الأكل والشرب، فما كان قائمًا مقام الأكل والشرب أعطي حكم الأكل والشرب، وما ليس كذلك فإنه لا يدخل في الأكل والشرب لفظًا ولا معنًى،