للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلاف بين الفقهاء في وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها كبيرة كانت أم صغيرة دخل بها الزوج أم لا لأن الإحداد تبع للعدة والعدة واجبة عليهن لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (١)، واختلفوا في غيرها على قولين:

الأول: أن الإحداد لا يجب على المطلقة رجعية كانت أم مبتوتة. وإليه ذهب المالكية، والشافعية في الجديد عندهم والحنابلة في المذهب عندهم (٢).

الثاني: أن الإحداد يجب على المطلقة البائن، وإليه ذهب الحنفية والشافعية في القديم والحنابلة في رواية (٣)؛ لما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى المعتدة أن تختضب بالحناء وقال الحناء طيب (٤)، ولأنه يجب إظهارًا للتأسف على فوت نعمة النكاح الذي هو سبب لصونها وكفاية مؤنها والإبانة أقطع لها من الموت حتى كان لها أن تغسله ميتًا قبل الإبانة لا بعدها.

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بوجوب


(١) سورة البقرة: ٢٣٤.
(٢) التمهيد لابن عبد البر (١٧/ ٣١٧)، التاج والإكليل (٤/ ١٥٤)، المهذب (٢/ ١٤٩)، روضة الطالب (٨/ ٤٠٥)، الحنابلة (٩/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٣) بدائع الصنائع (٣/ ٢٠٩)، الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٣١)، البحر الرائق (٤/ ١٦٣)، الوسيط (٦/ ١٤٩)، روضة الطالب (٨/ ٤٠٥)، الحنابلة الإنصاف (٩/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٤) قال الزيلعيُّ في نصب الراية (٣/ ١٢٤): "أخرجه البيهقيُّ في كتاب المعرفة في الحج عن ابن لهيعة عن بكر بن عبد الله بن الأشج عن خولة بنت حكيم عن أمها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأم سلمة: "لا تطيبي ولا تمسي الحناء فإنه طيب" انتهى، قال البيهقي: إسنادُهُ ضعيفٌ فإن ابن لهيعة لا يحتج به انتهى. وأخرجه الطبرانيُّ في معجمه عن ابن لهيعة عن بكر بن عبد الله بن الأشج عن خولة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تطيبي، ولا تمسي الحناء فإنه طيب" انتهى. وعزاه السروجي في الغاية إلى النسائي، ولفظه: "نهى المعتدة عن التكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب" انتهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>