للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ما روي عن عمر وعلي -رضي الله عنهما- حيث ألزما أهل القرية القسامة والدية ولم ينقل الإنكار عليهما من أحد من الصحابة فيكون إجماعًا، وبناء على القاعدة في توجيه اليمين إلى المدَّعى عليهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اليمين على المدعى عليه" (١).

٤ - ويرى الحسن: أن يستحلف المدَّعى عليهم أولًا خمسين يمينًا ويبرءون، فإن أبو أن يحلفوا استحلف خمسون من المدعين: أن حقنا قبلكم ثم يعطون الدية ولا قصاص لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولكن اليمين على المدَّعى عليه" (٢)، وذلك لأنها يمين في دعوى فوجبت في جانب المدَّعى عليه ابتداء كسائر الدعاوى (٣).

الراجح: نرى أن الأولى هو القول بالبدء بأيمان المدعين، فيحلفون خمسين يمينًا يستحقون بها دم المدعى عليه بالقتل عمدًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم، فيدفع إليكم برمته" (٤). ولمسلم في صحيحه: "ويسلم إليكم"، وفي لفظ: "تستحقون دم صاحبكم"، والذي يظهر أن وقوع القسامة إنما يحدث نادرًا لكن في شرعيتها حماية للأنفس، وحتى لا يذهب دم القتيل هدرًا، إذ أن القتل إنما يحدث غالبًا في الخفاء، أما الحديث الذي احتج به من يرى توجيه اليمين إلى المدعي عليه فهو عام، وموضوع القسامة خاص فيقدم عليه، كما أن الحديث قد رواه ابن عبد البر بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة" (٥). ويعمل بهذه


(١) رواه مسلم.
(٢) أخرجه مسلمٌ (٣/ ١٣٣٦).
(٣) بدائع الصنائع، للكاساني (١٠/ ٤٧٣٠٧)، وجواهر الإكليل شرح مختصر خليل، للأزهري (٢/ ٢٧٣)، ونهاية المحتاج، للرملي (٧/ ٣٩٦)، والمبدع في شرح المقنع لابن مفلح (٩/ ٣٨).
(٤) أخرجه البخاريُّ (٨/ ٤١)، ومسلمٌ (٣/ ١٢٩٢).
(٥) أخرجه الدراقطني (٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>