للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنزاع في صحة ولايتهم لا توليتهم (١).

٥ - لو اعتبرنا العدالة شرطًا في صحة الولاية لانسد باب القضاء خصوصًا في هذا الزمان الذي قل عدوله (٢).

أجيب عن هذا: بأن فقدان العدول وخلو الزمان منهم لا نسلمه؛ للأدلة الدالة على ذلك كقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٣) فحفظ القرآن والدين يقتضي وجود فئة من الناس تتعلمه وتعي أحكامه ومن ثم تطبقه في واقعها وتنشره في الأمة وهذا شاهد على مر العصور.

وكذلك ما رواه البخاري بسنده عن المُغِيرَةِ بن شُعْبة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا تزال طَائِفَةٌ من أُمَّتي ظَاهِرِينَ حتى يَأتِيَهُمْ أَمْرُ الله وَهُمْ ظَاهِرُونَ" (٤).

وعلى فرض وجود العدل في جماعة من المسلمين في مكان أو زمان ما وجواز قضاء الفاسق للضرورة فلا يلزم من ذلك جواز قضائه لما علم أنه يجوز في الضرورة ما لا يجوز في غيرها، قال الغزالي: فإن تعذرت الشروط وغلب على الولايات متغلبون فسقه فكل من ولاه صاحب شوكة نفذ حكمه للضرورة كما ينفذ حكم البغاة وإن لم يصدر عن رأي الإِمام (٥).

الترجيح: الراجح -والله أعلم- هو مذهب الجمهور لقوة أدلتهم؛ ولأن القضاء أمانة عظيمة مرهون به الحفاظ على الضرورات الخمس فلا يستطيع القيام


(١) المغني (١٤/ ١٤).
(٢) حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٥٦).
(٣) سورة الحجر الآية: ٩.
(٤) صحيح البخاري (٦/ ٢٦٦٧)، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَزَالُ طَائِفَة من أُمَّتي ظَاهِرِينَ على الحَقِّ" وَهُمْ أَهْلُ العِلمِ، برقم (٦٨٨١).
(٥) الوجيز (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>