للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمييز بينها يحدد مسار الدعوى كلها من الأساس، لذلك اهتم الفقهاء كثيرًا في وضع الضوابط والمعايير لتمييز المدعي من المدعى عليه ومن أشهرها ما يلي:

الأول: أن المدعي من إذا ترك الخصومة ترك، والمدعى عليه من إذا ترك الخصومة لم يترك (١).

ويعتمد هذا التعريف على آثار الاعتراف بالحق، وأن صاحب الحق غير بين المطالبة بحقه، أو تأجيله، أو إسقاطه، أو إبراء المدعى عليه منه، أو إعفائه عنه، فإن اختار ترك الخصومة والدعوى والمطالبة، فله ذلك، ويترك وشأنه ولا يلاحقه القضاء، ولا يجبر على رفع الدعوى ومخاصمة الآخرين، أما إن اختار المطالبة بحقه، وسعى للحصول عليه، فإن المدعى عليه ملزم بالحضور لبيان رأيه، والجواب عن الدعوى، وبيان موقفه سلبًا أو إيجابًا، ويجبر على الحضور إلى المحكمة إن امتنع، ويجب عليه الاشتراك في الخصومة للتأكد من براءة ذمته أو شغلها، ومن ثم أداء الحق لصاحبه.

الثاني: المدعي من يخالف قوله الظاهر والمدعى عليه، من يوافق قوله الظاهر (٢).

وهذا المعيار مبني على ظواهر الأمور، ومجريات الحياة، وغالب الأحوال وهو أن من يضع يده على حق، أو يتصرف به، أو يتفق حاله مع قواعد الشرع،


(١) بدائع الصنائع (٦/ ٢٢٤)، روضة القضاة للسمناني (١/ ١٦٥ - ١٦٦)، الشرح الصغير للدردير (٤/ ٢٠٨، ٢١١)، أدب القضاء لابن أبي الدم (ص: ١٣١)، مغني المحتاج (٤/ ٤٦٤)، فتح الباري (٥/ ٢٨٣)، المغني (١٠/ ٢٤١)، الموسوعة الفقهية (٢٠/ ٢٧٥)، الفقه الإِسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي (٨/ ٦٢٧٨)، التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي للدكتور محمَّد الزحيلي (ص: ٢٩٧)، نظرية الدعوى (ص: ١٧٧).
(٢) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>