للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وذهب المالكية إلى أنه يجوز فيما يصح لأحدهما ترك حقه فيه كالأموال وما في معناها، ولا يجوز فيما يتعلق به حق لغير المتخاصمين وهي سبعة أمور: الحدود، واللعان، والقتل، والولاء لشخص على آخر، والنسب، والطلاق، والعتق، فلا يجوز التحكيم في واحد من هذه السبعة؛ لأنه يتعلق بها حق لغير الخصمين إما لله تعالى وإما لآدمي كما في اللعان والولاء والنسب لما في ذلك من قطع النسب، وفي الطلاق والعتق حق لله تعالى؛ إذ لا يجوز بقاء المطلقة البائن في العصمة ولا رد العبد في الرق، وأما الحد والقتل فالحق فيهما لله تعالى؛ لأن الحدود زواجر وهي حق لله (١).

٣ - وذهب الشافعية في الصحيح من مذهبهم إلى جوازه في جميع الحقوق غير حدود الله تعالى وتعزيراته؛ لأنه ليس لها طالب معين (٢).

٤ - وذهب بعض الحنابلة إلى أنه يجوز في الأموال خاصة وما في حكمها ولا يجوز في أربعة أشياء النكاح واللعان والقذف والقصاص؛ لأنها مبنية على الاحتياط فيعتبر للحكم فيها قاضي الإِمام كالحدود (٣).

الراجح: أن التحكيم لا يجوز إلا في نطاق ضيق حرصًا على استقرار أحكام الناس في لجوئهم إلى القضاء العام، فلا يجوز إلا في الأموال وما في معناها مما للخصمين إسقاط الحق فيه؛ لأن غير ذلك يتعلق به عادة حق لطرف آخر غيرهما وهو إما آدمي أو الله تعالى ومبنى ذلك الاحتياط.


(١) انظر: التاج والإكليل (٨/ ٣٦٠)، تبصرة الحكام (١/ ٦٣)، الشرح الكبير (٤/ ١٣٦)، شرح الخرشي على مختصر خليل (٧/ ١٤٥)، منح الجليل (٨/ ٢٨٤).
(٢) روضة الطالبين (١١/ ١٢١)، مغني المحتاج (٣/ ٣٧٨)، نهاية المحتاج (٨/ ٢٤٢).
(٣) انظر: المغني لابن قدامة (١٠/ ١٣٧)، الكافي للمؤلف نفسه (٤/ ٤٣٦)، الإنصاف (٩/ ٢٤١)، كشاف القناع (٦/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>