للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم هذه الاقسام الثلاثة؟

بالنسبة للقسمين الأول والثاني: فحكمهما الجواز؛ تحقيقًا لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية، ومفسدةُ انتهاك كرامة الجثة المشرحة مغمورةٌ في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة بذلك.

وأما بالنسبة للقسم الثالث، وهو التشريح للغرض التعليمي، فنظرًا إلى أن الشريعة الإِسلامية قد جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، وبدَرْءِ المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أدنى الضررين لتفويت أشدهما، وأنه إذا تعارضت المصالح أخذ بأرجحها.

وحيث إن تشريح غير الإنسان من الحيوانات لا يغني عن تشريح الإنسان.

وحيث إن في التشريح مصالح كثيرة ظهرت في التقدم العلمي في مجالات الطب المختلفة.

فإننا نرى: جواز تشريح جثة الآدمي في الجملة، إلَّا أنه نظرًا إلى عناية الشريعة الإِسلامية بكرامة المسلم ميتًا كعنايتها بكرامته حيًّا؛ وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِه حَيًّا" (١)، ونظرًا إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته، وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيُّسر الحصول على جثث أموات غير معصومة: فإننا نرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث وعدم التعرض لجثث أموات معصومين والحال ما ذكر (٢).

قلنا: ومع القول بجواز التشريح إلَّا أن هناك شروطًا لا بد منها وهي:


(١) رواه أحمد (٢٤٧٨٣)، ابن ماجه (١٦١٦)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٤٤٧٨).
(٢) فتاوى اللجنة الدائمة (٨/ ٤٢٨)، الفتوى رقم (٣٩١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>