للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالة زوجته إذا به يقول لها إني كنت أمزح، فما مدى مشروعية هذا الفعل؟ وهل تعد زوجته طلقت بهذا الفعل؟

نقول أولًا: إن من يفعل هذا العمل لا شك أنه أتى بأمر لا يجوز شرعًا وهو ترويع هذه المرأة، وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ترويع المسلم لأخيه المسلم، ولو مازحًا، كما في حديث عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَا لَاعِبًا وَلَا جَادًّا، وَإِذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ عَصا أَخِيهِ فَليَرُدَّهَ" (١).

وفي حديث ابن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يسيرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا" (٢). فإذا كان هذا في حق من ليس بينك وبينه قرابة نسب، فكيف بمن يكون بينك وبينه نسب؟ بل فكيف لو كانت هذه زوجتك؟

ثانيًا: أما عن حكم هذا الطلاق فنقول لا يقع طلاق الرجل لامرأته بمجرد النية، فإذا أظهر نيته على لسانه بالنطق -أو بالإشارة المفهمة للأخرس- أو بالكتابة سواء على ورقة أو على رسائل الجوال أو بالبريد الإلكتروني، فإن كل ذلك يجعل الطلاق واقعًا، على أن تكون الكتابة ثابتة عنه؛ لأن مجال التزوير في هذه الأمور سهل ومتيسر.

ثالثًا: لا خلاف بين العلماء في وقوع طلاق الجاد:


(١) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب من يأخذ الشيء على المزاح (٥٠٠٣)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢٨٠٨).
(٢) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب من يأخذ الشيء على المزاح (٥٠٠٤)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢٨٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>