آخر إنَّ بداية التربص من حين قرار الحاكم لضبط القضايا والأحكام، ولكون تاريخ مراجعة الزوجة للقاضي ثابتًا ومحددًا ولا مجال فيه للاجتهاد والاختلاف، مع العلم أنّ للقاضي تحديد بدء المدة من أيام أعمال التحري والتفتيش على المفقود، ولأنَّ الثابت عن عمر -رضي الله عنه- أنّه أمر زوجة من فقدت زوجها أن تتربص أربع سنوات من حين رفع أمرها إلى الحاكم.
٦ - بعد مضي المدة المذكورة فإنَّ الزوجة تعتد عدة الوفاة إذا لم تتيقن حياته، لأن المفقود بعد مضي المدة في حكم الميت، وقد تقرر هذا الحكم قضائيًا، وفي مدة التربص نفقتها من مال زوجها؛ لأنّها لا تزال زوجته المحبوسة من أجله، وأمواله تابعة للحكم بموته وتقسم بين الورثة وهي منهم، فإن ظهر حيًّا أخذ ما بقي من أمواله بأيدي الورثة.
٧ - إذا عاد الزوج قبل مضي تربص الزوجة أو قبل عدتها فإنّها زوجته؛ لأن التفريق لم يقع، فإن انتهى أجلها وعدتها قبل تزوجها من آخر فتبقى امرأته؛ لأنّه إذا أبيح لها الزواج فذلك محمول على الحكم بموته، فإذا ظهر حيًّا بطل ذلك الظاهر وكان النكاح بحاله.
٨ - إذا عاد الزوج المفقود بعد أن تزوجت، فإمَّا أن يكون قد دخل بها الزوج الثاني أم لا، فإن كان قبل الدخول ترد إلى زوجها الأول بنكاحها الأول كما لو لم تتزوج؛ لأنَّ النكاح إنّما صح في الظاهر دون الباطن، فلما ظهر المفقود فإنّ النكاح صادف امرأة ذات زوج فكان باطلًا.
وإن كانت عودته بعد الدخول فله التخيير بين أخذها فتكون زوجته بالعقد الأول؛ لأن نكاح الثاني كان باطلًا في الباطن، ويجب على زوجها الأول اعتزالها حتى تقضي عدتها من الثاني، وبين أخذ صداقها فتكون زوجة الثاني، ويرجع بالصداق