للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن خص بعضهم لمعنىً يقتضي تخصيصه، مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى، أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها.

فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معناه ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال؛ لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل بشيرًا في عطيته، والأول أولى إن شاء الله؛ لحديث أبي بكر -رضي الله عنه-، ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية، فجاز أن يختص بها كما لو اختص بالقرابة ... " (١).

ومما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة السعودية: "المشروع في عطية الأولاد هو التسوية بينهم في العطاء على السواء، ولا يجوز التفضيل إلا لمسوغ شرعي؛ لكون أحدهم مقعدًا أو صاحب عائلة كبيرة أو لاشتغاله بالعلم، أو صرف عطية عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه ... " (٢).

فالقول بجواز تفضيل بعض الأولاد لمسوغ شرعي لا بأس به، ولا يخالف الأدلة الواردة في وجوب العدل بين الأولاد في العطية، أما حديث النعمان بن بشير وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: "اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا في أَوْلاَدِكُمْ" (٣). فهذا الحديث وغيره من الأحاديث الأخرى تحمل على التفضيل بين الأولاد لغير مسوغ شرعي، أما إذا وجد مسوغ شرعي فلا حرج.


(١) المغني (٦/ ٥١ - ٥٣).
(٢) فتاوى اللجنة الدائمة (١٦/ ١٩٣).
(٣) رواه البخاري في كتاب الهبة، باب الإشهاد في الهبة (٢٥٨٧)، ومسلمٌ في الهبات، باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة (١٦٢٣) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>