بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٤، ٥]، فيحرم أن ينسب الشخص إلى نفسه طفلًا يعرف أنه ولد غيره، فينسبه إلى نفسه نسبة الابن الصحيح وُيثبت له أحكام البنوة من استحقاق إرْثه بعد موته، وحُرمة تزوُّجه بحليلته، وهذا شأنٌ كان يعرفه أهل الجاهلية، وكان سببًا من أسباب الإرْث التي كانوا يُورِّثون بها، فلمَّا جاء الإِسلام -وبيَّن الوارثين والوارثات بالعناوين التي قرَّرها سببًا في استحقاق الإرث- أسقطه من أسباب التوارث، وحصرها في البنوة والأُبوَّة والأمومة والزوجية والأخوة والأرحام على ترتيب بينهم كما في قوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}[الأحزاب: ٦].
ثانيًا: يجوز بل يستحب أن يقوم شخص برعاية الطفل اللقيط من حيث الإعالة بالنفقة في المطعم والكسوة والتعليم وحسن التربية، حتى إذا بلغ السن التي يقوى فيها على إعانة نفسه إن كان ولدًا أو تزوجت البنت التي كانت تحت رعايته تركهما وشأنهما، مع استمرار الإحسان إليهما بشرط عدم نسبتهما إليه كما مر بنا في أي شهادة ميلاد رسمية، بل يختار لهما اسمًا آخر يناسبهما مثل عبد الله أو عبد الرحمن وسواها من الأسماء الصادقة في حقيقتها ومعناها والمقبولة عرفًا، مع مراعاة عدم الدمج الكامل في الأسرة لئلا تختلط الأنساب ويرث مالًا لا حق له فيه.
ثالثًا: عند بلوغ اللقيط، فإنه يفرق بينهم في المضاجع، وتحتجب المحارم كالزوجة والبنت الحقيقية عن الذكر منهما، والبنت منهما عن الذكر من أولاد القائم بشؤونهما؛ لأن الحرمة قائمة بين الجميع كالأجانب حيث هم كذلك في الواقع، إلا إذا كان قد تم لهما رضاع من الزوجة فيأخذون حكم الرضاع في الحرمة وجواز الدخول.
رابعًا: إن كانت الدولة لا تبيح كفالتهم إلا إذا نسب المتبني الولد إليه، وإن