أولًا: صحة ما ذكره القائلون بجواز النقل من وجود الحاجة التي بلغت مقام الضرورة، وما في حكمها، وهذا المقام شهدت نصوص الشرع وقواعده باعتباره مستثنى من التحريم، ولكن بقدر ما تندفع به تلك الضرورة والحاجة.
واعتبار هذه النصوص والقواعد الفقهية محلّ إجماع بين أهل العلم -رحمهم الله- فكم استثنوا بها من المحرمات المتعلقة بالعبادات والمعاملات.
ثانيًا: أن حديث جابر -رضي الله عنه- في قصّة الرجل الذي قطع براجمه واضح في الدلالة على عدم اعتبار المصلحة الحاجية بقطع شيء من الجسد، وأن ذلك يوجب نوعًا من العقوبة في الآخرة، ومن ثم فإنه لا يجوز الإقدام على قطع شيء من جثة المسلم طلبًا لدفع الحاجة المتعلقة بالغير؛ لأنه إذا لم يجز ذلك للشخص نفسه فمن باب أولى ألا يجوز لغيره ...
وأما الكافر فإنه لا يدخل ضمنه؛ لأنّ تعذيبه في الآخرة مقصود شرعًا، فمن ثم جاز أخذ شيء من جثته لسد حاجة المسلم.
ثالثًا: أن الأصل يقتضي حرمة المساس بجسد المسلم بالجرح والقطع حيًّا أو ميتًا، فوجب عليه البقاء عليه حتى يوجد الدليل الموجب للعدول والاستثناء منه.
رابعًا: أن أدلة القائلين بالمنع لم تسلم من ورود القوادح عليها، وإن سلمت فإن جلها يتعلق بالمسلم، وأما الكافر فإنه يمكن نقل العضو منه إعمالًا للدليل المخالف وبهذا يمكن الجمع بين الأدلة (١). والله أعلم.
(١) لمعرفة المزيد عن هذه النازلة يمكن مراجعة كتاب نقل الأعضاء الآدمية بين التحليل والتحريم د. رضاء الطيب، رد شبه المجيزين لنقل الأعضاء من الناحيتين الدينية والطبية د. محمود محمَّد عوض سلامة.