والمراد بما كتب الله لنا، أي: الولد على قول الجمهور، ومعلوم أن الولد لا يطلب إلا بالمباشرة في الفرج لقوله تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} فدلّ ذلك على أن كل طريق لطلب الولد غير هذه المباشرة المأمور بها شرعًا فإنه لا يجوز، فابتغاء ما كتب الله لنا من الولد لا يكون إلا بذلك وهذا هو الطريق الشرعي وما عداه فباطل زائف ومن ذلك الاستنساخ البشري فإنه طلب للنسل بغير المباشرة فهو حرام.
السادس: حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ فَإِنِّي مُكاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ"(١).
فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للتكاثر طريقًا واحدًا وهو التزوج فقط، فلا تطلب المكاثرة بأي طريق من الطرق التي يمليها علينا أطباء الغرب الذين لا يحكمهم دين ولا تؤدبهم شريعة، فالأمر بالتزوج والإخبار بأنّه - صلى الله عليه وسلم - سيكاثر بنا الأمم يوم القيامة دليل على أنه لا تكاثر شرعًا إلا بهذا الطريق الوحيد، والاستنساخ لا يحمل هذه الخاصية فهو حرام لأنه يفضي إلى ترك المأمور به شرعًا والله أعلم.
السابع: أن النسب والمحافظة عليه يعتبر إحدى الضرورات الخمس التي جاءت كل الشرائع بالمحافظة عليها، وهو أحد الضوابط الجوهرية التي تعصم من اقتحام المخاطر غير المحصورة، والإقدام على تطبيق الاستنساخ في الإنسان لا ينفك عن الوقوع في تجهيل الأنساب وانقطاع التناسل الذي ناط الله تعالى به القرابة بأنواعها، وقد تناول الحظر صورًا عديدة تؤدي لجهالة النسب أو لإدخال التنازع فيه
(١) رواه أحمد (٣/ ١٥٨)، وابن حبّان (٤٠٢٨)، والطبرانيُّ في الأوسط (٥٠٩٩) عن أنس -رضي الله عنه-، انظر: خلاصة البدر المنير (١٩٠٨)، والإرواء (١٧٨٤). ورواه أبو داود في النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء (٢٠٥٠)، والنسائيُّ في النكاح، باب كراهية تزويج العقيم (٦/ ٦٥) عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- بلفظ: "الأمم" بدل "الأنبياء"، وصححه الحاكم (٢/ ١٦٢) ووافقه الذهبي.