ويفضي أيضًا إلى انقطاع العلائق بين الأصول والفروع؛ فلا تراحم ولا توادد ولا شفقة ولا إحسان، ويفضي أيضّا إلى تفكك المجتمع لنشوء شريحة فيه لا يعرفون لهم أبًا ولا أمًا، وهذا يفضي إلى تصدع نواة المجتمع ووهنه وضعفه وذهاب هيبته وكلمته، ويفضي أيضًا إلى تعطيل المواريث أو إعطائها من لا يستحقها شرعًا، ويفضي إلى انتهاك حرمة المرأة وإهانتها وكشف عورتها لزرع هذه اللقيحات فيها، ويفضي إلى افتتان العقول الضعيفة في شأن انفراد الله تعالى بالخلق والإيجاد فهذه بعض ما يفضي له الاستنساخ البشري؛ وحيث كان يفضي إلى هذه الأشياء فلا شك حينئذٍ في تحريمه.
الحادي عشر: أن المتقرر شرعًا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمفاسد في الاستنساخ البشري كثيرة كما ذكرنا لك طرفًا منها، ولو نظرنا إلى مصالحه لما وجدنا أنها معتبرة شرعًا، فلو سلمنا جدلًا وتنزلًا أن فيه مصلحة فإنها تكون مغمورة وليست بشيء في جنب هذه المفاسد التي لا يقوم لها شيء فتنزيلًا على هذه القاعدة فإن الواجب سده وإغلاق أبوابه بإحكام وزجر فاعليه وتعزيرهم ومعاقبتهم العقوبة البليغة التي تردعهم وأمثالهم عن معاودة مثل ذلك.
الثاني عشر: أن المتقرر شرعًا أن الشريعة جاءت لتقرير المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها، وحيث كان الاستنساخ البشري يحمل المفاسد الكثيرة فإن الواجب شرعًا منعه؛ لأننا بمنعه نعطل المفاسد التي يتضمنها هذا الأمر.
ومما جاء في قرارات المجمع الفقهي (١) بعد تعريفه للاستنساخ والأبحاث التي قدمت بصدده ما يلي:
وبناء على ما سبق من البحوث والمناقشات والمبادئ الشرعية التي طرحت على مجلس المجمع، قرر ما يلي:
(١) مجلة مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي بجدة (ع ١٠، قرار رقم: ٩٤ (٢/ ١٠).