للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كبائر الذنوب، وقد رتب الشارع الحكيم عليها عقوبات رادعة كفيلة بمنعها ومجازاة فاعليها، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣].

أما أعمال المقاومة التي يقوم بها المغلوبون والمعتدي على أرضهم وبلادهم كما في فلسطين فليست إرهابًا ممنوعًا؛ لأن الصهاينة هم المعتدون وإنما هي دفاع عن النفس والمال والعرض أقره الإسلام، وأيدته جميع الشرائع والقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وهي من الإرهاب المشروع، وقد ورد في القرآن الكريم إطلاق الإرهاب على تخويف العدو بامتلاك وسائل الردع قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: ٦٠].

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسيره لهذه الآية: والعلة إرهاب الأعداء والحكم يدور مع علته، وجاء في بيان مكة الذي أصدره مجمع الفقه الإِسلامي التابع للرابطة في دورته السادسة عشرة التي عقدت في مكة المكرمة: وينبه المجلس إلى أن ما ورد في الآية من ذكر الإرهاب يعني إعداد العدة من قبل المسلمين ليخافهم عدوهم، ويمتنع عن الاعتداء عليهم وانتهاك حرماتهم، وذلك يختلف عن معنى الإرهاب الشائع في الوقت الحاضر، وجاء في الحديث الذي رواه سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" (١). فقد بين في الحديث أنه تكتب لهم الشهادة ما داموا يدافعون عن ذلك، وهذا يدل على مشروعية عملهم.


(١) أخرجه أحمد في مسنده، وأبو داود، والنسائيُّ، والترمذيُّ، وابن حبان في صحيحه، وقال السيوطي في الجامع الصغير: حديثٌ حسنٌ (٢/ ٦٣١)، ورقمه (٨٩١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>