١/ ٤ / ١٤٣٢ هـ حيث جاء فيه: أن المظاهرات والاعتصامات غير جائزة لما يترتب عليها من مفاسد وأضرار.
أدلة كل من القولين:
أولًا: يستدل القائلون بالجواز بما يأتي:
١ - أن المظاهرات والاعتصامات من أمور العادات وشؤون الحياة المدنية والأصل في هذه الأمور هو الإباحة إلا ما جاء الدليل الشرعي بمنعه، ولم يأت دليل شرعي بمنعها فتبقى على الأصل، ولا يطلق على تلك الأمور بدعة؛ لأنها ليست من العبادات، وإنما هي من العادات، والعادات تنطلق من حاجات الناس في كل زمان ومكان، وما دامت تحقق مصلحة ولا يترتب عليها مفسدة فلا مانع منها، وقد أنشأ عمر -رضي الله عنه- الدواوين والأمصار وغيرها وأنشأ المسلمون نظام الحسبة.
٢ - أن في المظاهرات والاعتصامات السلمية تعاونًا على الخير وتكاتفًا في دفع الظلم، والله تعالى يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
٣ - أن كون هذه المسيرات والاعتصامات قد نشأت عند غير المسلمين لا يمنع الأخذ بها، فكل مفيد لا يعارض نصًّا شرعيًّا من حق المسلمين الأخذ به، فالحق ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، وقد اقتبس المسلمون أشياء من غيرهم لتنظيم حياتهم، وهكذا الحضارات يستفيد بعضها من بعض على مدار التاريخ بما يحقق مصالح شعبها وينظم شؤونها، وهي تندرج تحت قاعدة المصالح المرسلة.
٤ - أن للوسائل أحكام المقاصد، فإذا كان المقصد مشروعًا في هذه الأمور فإن الوسائل إليه تأخذ حكمه، ومن ذلك هذه المسيرات والتظاهرات، إن كان خروجها لتحقيق مقصد مشروع؛ كأن تنادي بتحكيم الشريعة أو بإطلاق سراح المعتقلين بغير تهمة حقيقية أو بتحقيق مطالب للناس، مثل توفير الخبز أو الزيت أو السكر أو غير ذلك من الأهداف المشروعة فإن مثل هذا جائز.