للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفي هنا بمعنى النهي، أي: لا تصلوا وأنتم في حال مدافعة الأخبثين.

ولأن مدافعة الأخبثين تقتضي انشغال القلب عن الصلاة، وهذا خلل في نفس العبادة. ولأن في انحباس الأخبثين ضررًا على الإنسان، فإنه يضر البدن ضررًا بينًا، والشريعة أمرت بالمحافظة على النفس مما يضرها.

٥ - أكل مَا لَهُ رائحة كريهة: من أكل بَصَلًا أو كُرَّاثًا أو ثُومًا أو فُجْلًا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة، فإنه يعذر بترك الجماعة.

دليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته" (١). وفي رواية: "فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنوا آدم" (٢).

وهذا الذي أكل هذه الأشياء لا نقول بأنه معذور أمام الله إذا كان يتعمد ذلك ويكرره ولم يكن مصادفة، فلا يعذر بتخلفه عن صلاة الجماعة؛ لأنه يمكنه أن يأكل هذه الأشياء مطبوخة، أو يأكلها في غير أوقات الصلاة، فتركه للجمعة والجماعة دفعًا لأذيته للملائكة والمصلين.

أما إذا كان يتناول هذه الأشياء من أجل العلاج لمرض أصابه، وكان ممّن يحافظ على الصلوات في جماعة، فلا شك أنه من أهل الأعذار، ويحصل له أجر الجماعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا" (٣).


(١) أخرجه مسلمٌ في كتاب المساجد ومواضع السجود، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا، برقم (٥٦٤).
(٢) أخرجه مسلمٌ في كتاب المساجد ومواضع السجود، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا، برقم (٥٦٤).
(٣) أخرجه البخاريُّ في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (٢٨٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>