للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن في الجلوس قبل وضعها ازْدِرَاءً بها، فإذا وضعت في القبر فلا بأس بالجلوس. لكن هل الأفضل أن يجلس أم الأفضل أن يقف حتى يفرغ من دفنها؟

نقول: الأفضل إذا أراد أن يعظ الناس ويذكرهم بالموت وما يلقاه الإنسان عند موته، فالأفضل أن يجلس؛ وذلك لفعله - صلى الله عليه وسلم -.

أما إذا لم يكن هناك موعظة للحاضرين فالأفضل الوقوف؛ إكرامًا للميت وجبرًا له، ونقل عن الإِمام أحمد قوله: "لا بأس بقيامه على القبر حتى تدفن، جبرًا وإكرامًا"، وكان الإِمام أحمد -رحمه الله- إذا حضر جنازة وليها لم يجلس حتى تدفن (١).

٧ - ينبغي لمن تبع جنازة أن يصمت إذا تبعها، إلا إذا رأى منكرًا فالواجب عليه الإنكار، أما غير ذلك، حتى وإن كان قربًا كقراءة القرآن والذكر ونحوه، فيكره له رفع الصوت به، لكن هل يكره كراهة الأَوْلَى أم كراهة تحريم؛ قولان لأهل العلم، والأولى أن يفكر في حاله، وأن يتذكر أنه غدًا محمول كما حمل صاحبه الذي أمامه، وأن يتفكر فيما يلقاه الميت وأن هذه عاقبة أهل الدنيا.

جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن المغيرة قال: "كان رجل يسير خلف الجنازة ويقرأ سورة الواقعة، فسئل إبراهيم النخعي عن ذلك، فكرهه" (٢). فلا يَسَعُ أحدًا أن يقدر على إنكاره ويسكت عنه ولا ينكر عليه.

وجاء عن سعيد بن جبير والنخعي -رحمهما الله- أنهما يكرهان أن يقول الرجل وهو يمشي: استغفروا له يغفر لكم (٣).


(١) غاية المنتهى (١/ ٢٤٧).
(٢) المصنف، لابن أبي شيبة (١/ ١٠٨).
(٣) المصنف، لابن أبي شيبة (٤/ ٩٧، ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>