بالقرآن أو الحديث أو باللغة" ثم قال: "على أنه ينبغي للفقيه ألا يكون أجنبيًّا عن باقي العلوم، فإنه لا يكون فقيهًا، بل يأخذ من كل علم بحظ، ثم يتوفر على الفقه؛ فإنه عز الدنيا والآخرة".
وانطلاقا من هذه المكانة للفقه حرص العلماء على دراسة الفقه وتدوين فروعه، ووضعوا قواعد وضوابط تجمع فروعه المتناثرة مما سهل دراسة هذا الفن وضبط فروعه، والفقه كغيره من العلوم ينمو باستعماله ويضمر بإهماله، فقد مرت به أطوار نما فيها وترعرع وتناول كل مناحي الحياة، ثم عَدَتْ عليه العوادي من المتآمرين على شرع الله فتوقف ذلك النمو فترات، وكاد أن يقف في أخرى.
والفقه الإسلامي تبع لشريعة الله التي أُبعدت عمدًا عن تنظيم حياة الناس وحل مشاكلهم، واستبدلت بنظم وطرائق جاءت من الأعداء وقد لبست أثوابًا مختلفة وتشكلت بأنماط متباينة حسب مصالحهم، وهذا الإقصاء عن مناحي الحياة أَثَّر كثيرًا على نمو الفقه وإبداع الفقهاء، وعلى الرغم من الضعف الذي تعيشه الأمة في مناحي الحياة إلا أنه توجد مؤشرات ومبشرات هنا وهناك من حيث تنامي البحوث والدراسات للوقائع والنوازل (١) والحوادث التي تنزل بالأمة الإسلامية، وتطبيق الأصول والقواعد الشرعية عليها، وبيان الحكم الشرعي فيها، واستبعاد ما يخالف الشريعة الإسلامية وإيجاد البدائل لما يتعارض منها مع ذلك، سواء كان ذلك من قبل المجامع الفقهية أو الجهود المتمثلة في الرسائل والبحوث العلمية في الجامعات ومراكز البحوث.
إن الفقه الإسلامي ثروة فكرية هائلة وتراث ضخم لم يستفد منه الكثيرون، وإن كل طالب علم لديه القدرة على توسيع دائرة الاستفادة من الفقه الإسلامي
(١) مما أُلف في ذلك: الجامع في فقه النوازل، د. صالح بن عبد الله بن حميد، فقه النوازل، بكر أبو زيد، وغيرها.