للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن للمرأة حق المطالبة به حالًا وهو ظاهر الرواية عند الحنفية، ومذهب الشافعية (١).

ووجه قول الحنفية القياس على البيع قالوا: إن النكاح عقد معاوضة فيقتضي المساواة من الجانبين في العوض، والمرأة قد عينت حق الزوج عند تسليم نفسها فيجب أن يعين الزوج حقها بذلك فوجب أن يكون حالًا، وكذا لو كان الأجل مجهولًا جهالة متفاحشة كوقت هبوب الرياح ونحو ذلك.

ووجه قول الشافعية أن التسمية في هذه الحالة تكون فاسدة لجهالة العوض بجهالة أجله فيرد ذلك إلى مهر المثل ويحق لها المطالبة به حالًا.

القول الثالث: أن النكاح يفسخ بذلك قبل البناء، ويثبت بعده بصداق المثل ويكون حالًا، وهو المشهور من مذهب المالكية والعمل عليه عندهم (٢). كما أنهم يرون أن الصداق إذا أجل كله أو بعضه إلى ما يزيد على خمسين سنة فسد النكاح؛ لأن التقدير بذلك مظنة إسقاط الصداق (٣).

الراجح: هو القول الأول من صحة التسمية وعدم تمكين المرأة من المطالبة به إلا بموت أو فرقة؛ إذ هو الذي عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل قد حكى الإِمام الليث -رحمه الله- إجماعهم عليه. ولأنه يتفق مع القياس والنظر؛ ذلك أن المطلق من العقود ينصرف إلى العرف والعادة عند المتعاقدين كما في النقد والسكة والصفة والوزن، والعادة جارية بين الأزواج بترك المطالبة بالصداق إلا بالموت


(١) بدائع الصنائع (٢/ ٢٨٨)، شرح فتح القدير (٣/ ٣٧١)، البحر الرائق (٣/ ١٩١)، حواشي الشرواني (٧/ ٣٩٧).
(٢) التاج والإكليل (٣/ ٥١٠)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (٢/ ٣٠٣)، مواهب الجليل (٣/ ٥١٠).
(٣) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>