للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبهم والحنابلة إلى استحبابه (١)، لحديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وإن شاء ترك" (٢). والأولى له الأكل؛ لأن ذلك أبلغ في إكرام الداعي وجبر قلبه.

الثاني: ذهب الظاهرية والشافعية في قول إلى وجوب الأكل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وإن كان مفطرًا فليطعم"، ولأن المقصود منه الأكل فكان واجبا.

أما الصائم فلا يخلو إما أن يكون صومه واجبًا أو تطوعًا، فإن كان واجبًا أجاب ولم يفطر؛ ولكن يدعو لهم ويبارك ويخبرهم بصيامه ليعلموا عذره فتزول عنه التهمة في ترك الأكل. والدليل على ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم" (٣)، قوله فليصل أي فليدعو. ولأن الفطر في الصوم الواجب غير جائز فإن الصوم واجب والأكل غير جائز.

وإن كان صومًا تطوعًا استحب له الفطر والأكل (٤) إذا كان في ذلك إجابة لأخيه المسلم وإدخال السرور على قلبه؛ لحديث أبي سعيد الخدري أنه صنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه طعاما فدعاهم فلما دخلوا وضع الطعام فقال رجل من القوم: إني صائم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعاكم أخوكم وتكلف لكم وتقول إني صائم؟ أفطر، وصم يومًا مكانه إن شئت" (٥)، ولأن له الخروج من الصوم ما دام أنه تطوع.


(١) حاشية الدسوقي (٢/ ٣٣٨)، مواهب الجليل (٤/ ٥)، شرح النووي على مسلم (٩/ ٢٣٦)، مغني المحتاج (٣/ ٢٤٨)، المغني (٨/ ١٠٨)، الإنصاف (٨/ ٣٢٢).
(٢) رواه مسلم برقم (١٤٣٠).
(٣) رواه مسلم برقم (١٤٣١).
(٤) المبسوط (٣/ ٧٠)، المغني (٨/ ١٠٨)، الإنصاف (٨/ ٣٢٢).
(٥) قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٥٣): "رواه الطبراني في الأوسط وفيه حماد بن أبي حميد وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>