للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعتد به منه، وعجزهم: جمع عاجز وهو الغبي. وفي الحديث الآخَر: في بعض الروايات: وعجزتهم وهو بمعناه قيل: معناه العاجز في أمر الدنيا، ويكون بمعنى قوله: أكثر أهل الجنة البله قيل: في أمر الدنيا والأولى في هذا كله أنها إشارة إلى عامة المسلمين وسوادهم، لأنهم غافلون عن أمور لم تشوش عليهم دياناتهم، ولا أدخلتهم فطنتهم في أمور لم يصلوا بها إلى التحقيق، فيكونوا من أهل عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين والعلماء وهم أقل أهل الجنة، ولا وقفت بهم على الأصول، وحادت بهم عن السبيل فضلوا بكفر أو بدعة فهلكوا والله أعلم.

وقوله: (فتعجِزوا عنها) (١) أي: لا تطيقونها: بكسر الجيم وفتحها في الماضي، عجز يعجز. وقد قيل في الماضي: بكسر الجيم والفتح أعرف. قال الله تعالى: ﴿أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ﴾ [المائدة: ١٣].

ومنه قوله: (كل شيء بقضاء وقدر حتَّى العجز والكيس) (٢) رويناه: بكسر الزاي والسين وضمهما، فمن ضم جعلها عاطفة على كل، ومن كسر جعلها عاطفة على شيء، وهي هنا على هذا بمعنى الواو، وتكون في الكسر خافضة وحرف جرّ بمعنى إلى وهو أحد وجوهها. والعجز هنا يحتمل أن يريد به عدم القدرة. وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف، به وتأخيره عن وقته. قيل: ويحتمل أن يريد بذلك العجز والكيس في الطاعات، ويحتمل أن يريد به في أمور الدنيا والدين.

وقوله: (إن رعى الجدبة أكنت معجزه؟) (٣) أي: قائلًا له ومعتقدًا فيه أنه فعل فعل العجاز غير الأكياس.

وفي حديث ابن عمر: (أرأيت إن عجز أو استحمق) (٤) من هذا أي: لم يَكسْ في فعله. وعجز عن فعل الصواب، وعَمِل عَمَل الحمقى.


(١) البخاري (٩٢٤).
(٢) مسلم (٢٦٥٥).
(٣) مسلم (٢٢١٩).
(٤) البخاري (٥٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>