للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (تلقي سِخابها) (١)؛ و (ألبسته سخابًا) (٢): بكسر السين. قال البخاري: هي القلادة من طيب أو سك. قال ابن الأنباري: هو خيط ينظم فيه خرز، ويلبسه الصبيان والجواري وقال غيره: هو من المعاذات، قال ابن دريد: هي قلادة من قرنفل أو غيره، والجميع سخب. وقال غيره: هي قلادة تتخذ من قرنفل وسك ومحلب ليس فيه من الجوهر شيء.

[(س خ ر)]

قوله: (أتسخر مني وأنت الملك) (٣) السخرية: بكسر السين من الاستهزاء والاستياء وبعضها من السخرة والتسخير وقرئ ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف: ٣٢] بالوجهين على المعنيين.

والسخرية في حق الله تعالى لا تجوز على وجهها؛ لأنَّه متعالٍ عن الخلق في أقواله ومواعده، ومعنى قوله: "تسخر بي وأنت الملك" أي: تطمعني فيما لا أراه من حقي، فكأنها صورة السخرية، وقد يحتمل أن قائل هذا أصابه من الدهش والحيرة لما رأى من سعة رحمة الله تعالى بعد إشرافه على الهلاك، وما خايله من السقوط والزحف على الصراط، وما لقيه من حر النار وريحها وانفهاق الجنة بعد بُعْدِهِ عنها ما لم يحتبسه، ولم يطمع فيه، فلم يضبط من فرحه ودهشته لفظه، وأجرى كلامه على عادته مع المخلوق مثله، كما قال الآخر: من الدهش والفرح: (أنت عبدي وأنا ربك) (٤).

وقيل: معنى "أتسخر بي" أي: أنت لا تسخر بي وأنت الملك، وأن الهمزة هنا ليست للاستفهام ولا للتقرير للسخرية، بل لنفيها، كما قال تعالى: ﴿أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ [الأعراف: ١٥٥] أي: إنك لا تفعل ذلك.

وقيل: قد يكون هذا الكلام على طريق المقابلة من جهة المعنى


(١) البخاري (٩٦٤).
(٢) البخاري (٢١٢٢).
(٣) مسلم (١٨٦).
(٤) مسلم (٢٧٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>