للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفقه في الشرع: فقال صاحب العين والهروي وغيرهما فيه: فقُه: بالضم. وقال ابن دريد فيه: بالكسر كالأول. قال وقالوا: فقه: بالضم فيه أيضًا.

وقوله: في الكلاب (إذا كان يفقه) (١) أي: يفهم التعليم والأمر والزجر.

[فصل الاختلاف والوهم]

وقع في باب العلم قبل العمل (٢): (من يرد الله به خيرًا يفهمه في الدين) كذا للرواة، وعند الجرجاني، يفقهه كما جاء لجميعهم في غير هذا الموضع، وكلاهما صحيح المعنى، وقد تقدم شرح ذلك.

قوله: في حديث القدر: (قبلنا قوم يتفقرون العلم) (٣) كذا رواه ابن ماهان بتقديم الفاء، ولغيره: (يتقفرون) (٤) بتقديم القاف، وهذا اللفظ أشهر، وهو الذي شرح الشارحون، ومعناه: الطلب. يقال: تقفرت العلم إذا قفوته، واقتفرت الأثر اتبعته. وقال ابن دريد: قفرت بتشديد الفاء جمعت، ورواه بعضهم: "يقتفرون" بقاف ساكنة مقدمة على التاء وهو بمعنى الأول، وفي كتاب أبي داود "يتقفون". بفتح القاف وشد الفاء بغير راء بمعنى الأول. يقال: قفوته إذا اتبعته، ومنه سمي القافة، وأما بتقديم الفاء في الرواية الأولى، فلم أرَ من تكلم عليه، وهو عندي أصحّ الروايات وأليقها بالمعنى، والمراد أي: إنهم يطلبون غامضه، ويستخرجون خبيئه، ويبحثون عن أسراره، ويفتحون مغلقه، كما قال عمر في امرئ القيس: "افتقر عن معان عور أصح بصر"، ومنه سميت البئر: الفقير لاستخراج مائها، فلما كان القوم بهذه الصفة من الفهم والعلم، ثم جاؤوا بتلك المقالة المنكرة، وقالوا ببدعة القدر، استعظمها منهم وارتاب في قولهم، ألا تراه كيف وصفهم بقراءة القرآن. وقال وذكر من شأنهم، بخلاف لو سمع هذا القول من غيرهم، ممن لا يوصف بعلم، ولا يعرف به لما بالاه،


(١) الموطأ (١٠٧٠).
(٢) البخاري، كتاب العلم، باب (١٠).
(٣) أبو داود (٤٦٩٥).
(٤) مسلم (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>