للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(ف ت ل)]

قوله: (أقبلت عير من الشام فانفتل الناس إليها) (١) أي: مالوا وذهبوا إلى جهتها، كما قال في الرواية الأخرى: (فخرج الناس إليها وابتدروها) وكما قال تعالى: ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١].

[(ف ت ن)]

قوله: (فتنة الرجل في أهله وماله) (٢) (وفتنة النار، وفتنة المحيا والممات) (٣) وأصابتني في مالي فتنة، وفتنة كذا، (فتن كطقع الليل) (٤) وفلان فتنته الدنيا. وفي رواية: أفتنته وهما صحيحان عند أهل اللغة إلا الأصمعي، فأنكر أفتنته، وأصل الفتنة الاختبار والامتحان، يقال: فتنت الفضة على النار، إذا خلصتها، ثم استعمل فيما أخرجه الاختبار للمكروه، ثم كثر استعماله في أبواب المكروه، فجاء مرة بمعنى الكفر كقوله: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة: ٢١٧] أي: ردكم الناس إلى الشرك أكبر من القتل. وتجيء للإثم كقوله: ﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ [التوبة: ٤٩] ومنه: أصابتني في مالي فتنة، و (هموا أن يفتنوا في صلاتهم) أي: يسهوا ويخلطوا، وتكون على أصلها للاختبار كقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥] وتكون بمعنى الإحراق بالنار كقوله: وإِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [البروج: ١٠] أي: حرقوهم، ومنه: (أعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ) وقيل: إنها هنا على أصلها من التصفية، لأن المعذبين بالنار من المؤمنين المذنبين، إنما عُذبوا من أجل ذنوبهم فكأنهم صفوا منها وخلصوا، فسأل النبي أن لا يكون من هؤلاء، وكذلك سؤاله لأمته ذلك، لكن بعفو الله ورحمته، وتفريقه في الدعاء بين فتنة النار، وعذاب النار، حجة لهذا القائل أي: ممن يعذب بالنار عذاب الكفار، وهو حقيقة التعذيب والخلود، وقد بسطنا هذا، والفرق بين عذاب المذنبين والكفار في شرح مسلم.


(١) مسلم (٨٦٣).
(٢) البخاري (٥٢٥).
(٣) مسلم (٥٨٨).
(٤) مسلم (١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>