للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكر الأخفش قصره مع الكسر. قال: وإنما يقصر إذا فتحت الفاء، فإذا كسرتها مددت إلا للضرورة كما قال:

فدى لك والدي وفدتك نفسي

وقوله: (فَداك أبي وأمي) بفتح الفاء مقصورًا، فعل ماضي، ويصح أن يكون اسمًا على ما تقدم، والفدية وفدية الأذى. قال الأصمعي: الفداء يمد ويقصر لغتان مشهورتان، وأما المصدر من فاديت فممدود لا غير. قال: والفاء في كل ذلك مكسورة، وحكى الفراء فدىً لك مفتوحًا مقصورًا، وفداك أبي وأمي، فعل ماض مفتوح الفاء، ويكون اسمًا على ما حكاه الفراء.

وقوله: (فاديت نفسي وعقيلًا) (١) من ذلك أي: أعطى فداءهما.

[فصل الاختلاف والوهم]

في رجز عامر قوله:

فاغفر فداء لك ما اقتفيا (٢)

كذا ذكره مسلم في رواية جميع شيوخنا، وكذا ذكره البخاري في غزوة خيبر، وفيه إشكال إذ لا يصح إطلاق هذا اللفظ على وجهه في حق الله ﷿، وإنما يفدى من المكروه من يلحقه، والله تعالى منزه عن ذلك. وقيل: فيه تأويلات منها: أنه قد يكون على معنى ألفاظ العرب التي تدعم بها كلامها، وتصل بها خطابها، وتؤكد به مقاصدها، ولا يلتفتون إلى معانيها، كقولهم: ويل أمه، وتربت يمينه. وقيل: يحتمل أن يكون على القطع ومداخلة الكلام، وإنه التفت بقوله: فداء لك إلى بعض من يخاطبه، ثم رجع إلى تمام دعائه، وفي هذا بعد وتعسف كثير في الكلام. وقيل: قد يكون على معنى الاستعارة. فإن المراد بالتفدية هنا: التعظيم والإكبار، لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظمه، وكان مراده في هذا: أبذل نفسي ومن يعز علي في رضاك وطاعتك، وقد ذكر


(١) البخاري (٢٥٤٠).
(٢) مسلم (١٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>